Wednesday, December 7, 2011

يا نموت بلازمة ... يا نعيش بجد


يوم 28 يناير, بعد ما خلصنا الصلاة و اخدنا أول شوية غاز كده. كنت من ضمن الناس اللى خرجوا من جامع الاستقامة, و لو الجامع وراك, أنا مشيت في المسيرة اللى مشيت شمال. و كملنا عند الجامعة و جنينة الحيوانات... تقريبا بعد سور كلية هندسة بشوية, كنت باجرى انا و عمرو يوسف و جات رصاصة وقعت فرع شجرة كامل كان فوقنا بالضبط... ساعتها عمرو بص و قال "ايه ده؟"

و دى ماكانتش اول مرة كنت قريبة من الموت الحقيقى يوم 28 يناير
الموضوع ده انا عمرى ما اتكلمت فيه بالطريقة دى.

بس اما رحت شارع محمد محمود, الذكريات زى ما تكون صحيت ف دماغى... او كأنها كلها رجعت تانى تدينى قلم كبير::

"على فكرة انتى عايشة عشان فى ناس تانية ماتت"

كده... و بالوضوح ده

اما الغاز كان بينضرب و يقسمونا نصين و النص اللى قدام ياخد الرصاص, انا اه كنت بابقى فى النص اللى قدام, بس كنت باجرى و مش باخد رصاص... واحد تانى كان بياخده, و واحد كمان كان بيصمد, و واحد تالت كان بيموت, و رابع كان بيشيله... و انا عايشة

من ساعة ما رجعت من محمد محمود. و بعد ما شفت اللى شوفته هناك. و انا مش قادرة اسامح اى متشائم
التشاؤم زاد اوى... كله محبط, كله قلقان

مفيش شغل
مفيش فلوس
الاسلاميين حيجروا ورانا بالكرابيج
و الفلول هترجع تانى
و شباب الثورة عايز مكاسب
و الانتخابات مزورة
و الاسعار غليت
و البلد اللى حيلتى ضااااااعت
و خلاص روحنا فى داهية

طب ايه؟ نموت؟ من كم يوم فى لحظة عنترية درامية مالهاش لازمة قلت انى كتير باسأل "ليه يا ربى ما اخدتنيش مع اللى اخدتهم؟" غير انه استغفر الله اعتراض... هو قمة التخلف و الغباء.

ربنا ما اخدنيش لان شكلها كده ليسة لى عازة.

صور الناس المتشالة بطول الشوارع الجانبية من القصر العينى مش مفارقة خيالى للنهاردة. فاكراهم و فاكرة اشكالهم بالتقريب.
شكلهم ... لبسهم ... نظرة عينيهم... اه هم اللى بيقولوا عليهم بلطجية دول

فى شاب من شباب الجيزة انا مش ناسياه. كان رفيع و مش طويل و مشمر بنطلونه لحد ركبته و رابط الشال الشامى على راسه و لابس نص كم... الزى الرسمى للبلطجى
الشاب ده تقريبا انقذ حياتى فى لحظة من اللحظات. و ماعرفش لحد النهاردة هو فين. و عايش ولا ميت ولا اتقبض عليه ولا ايه.
عبد الله صديق برضه و بيشتغل نقاش. ضوافره مش شيك و لبسه مش ماركة, لكن دماغه توزن بلد. و لانه فاهم و واعى و بيتكلم مع اهل منطقته – اللى بيتقال عليها بسيطة – اتاخد من بيتهم من السرايات للنيابة العسكرية. و اتعذب و شبه اتشوه و صحابى قابلوه بيزك فى مسيرة ضد المحاكمات العسكرية للمدنيين!

الناس دى بتدفع تمن رهيب... عشان انا بروح امى اعيش مش عشان اكتئب فى بيتنا و اقول "خلاص مفيش امل"
امال هنعيش امتى؟ اما نعجز؟ و نرجع نندم؟؟

مش لاقيين اشغال فى مجالاتكوا اشتغلوا اى حاجة... عيشوا عشان فى غيركوا مات عشان انتوا تلاقوا شغل.

و والنبى بلاش نشتغل نفسنا. اللى هيقول لى كان فى شغل قبل الثورة هازعله. عشان انا شخصيا يا خريجة طب عين شمس قضيت اكتر من نص السنة اللى فاتت بادور على شغل محترم مش لاقية عشان ماعنديش استعداد ارضى بلقب دكتورة مقابل انى ماعملش اى حاجة ليها علاقة حقيقية بالطب و كمان اصرف على المرتب اللى باخده.

لما اللى لا درسوا ولا اشتغلوا ولا لقوا اى فرصة فى الحياة قلعوا ملط للسلطات و شافوا الموت و واجهوه بشجاعة عشان اللى يمكن عنده مقومات احسن يبقى احسن, يبقى الحل ان احنا نيأس؟

اصل هتيأس و بعدين؟ هتروح فين بيأسك؟

الناس فى الآخر هتعيش, بيك او من غيرك هتعيش... هتفضل انت عايش دور المكتئب و السنين تعدى و اخرتك تبقى قاعد منكوش على قهوة من القهاوى. و فى عينين الشباب سؤال "ليه" و اجابتك "اصل البلد كان فيها ثورة"
كنا روحنا موتنا بقى طالما مفيش مننا رجا بدل ما الشباب اللى زى الورد دى بتموت عشان البلد حالها ينصلح.


مفيش شغل؟ لأ فى بس مش على مزاجنا
مفييش فلوس؟ لأ فى بس مش اللى كنا متعودين عليه
طب فى ايه طيب؟
فى امل
فى ايمان
فى حب للحياة طالما عايشينها
يا نموت بلازمة ... يا نعيش بجد!!

التشاؤم كفر!! اه والله ... لان الامل من الايمان. لان الامل هو الثقة فى الله سبحانه و تعالى, و الثقة فى ان اكيد ان شاء الله كله هيبقى كويس. و هنعيش زى العايشين.

بس خليكوا ناصحين بقى... دوروا على سبب و امسكوا فيه... بصوا عشان تعرفوها و ماتقولوش محدش قال:

فى الظروف اللى احنا فيها دى, اللى هييأس هايموت, ومش هيعيش غير اللى حياخدها تحدى و حرب انه يعيش"

احنا مدينين للى ماتوا باننا نعيش, يا اما نشوف لنا واحدة من المعارك – ماهم ليسة كتير – و نموت فيها افيد للبلد و لينا.


يا نموت بلازمة ... يا نعيش بجد

5 comments:

Anonymous said...

بـجد رائعة يا إيمان .. وقالت كلام كتييير اوي الواحد كان حاسس بيه وهو في محمد محمود .. واللهِ يا ايمان لما كان الناس يسألوني في شغلي أو قرايبي إنت عايز تموت ولا إنت مش خايف ولا فاكر الموضوع هزار؟! كنت أرد واقولهم اللي إنتي كتبتيه ده بالضبط .. إن أنا وكتير من اللي في محمد محمود عايشين دلوقتي عشان في ناس ماتت بدالنا .. وأي واحد فينا في التحرير وفي محمد محمود مستعد يموت عشان الباقي يعيشوا .. حتى الدكاترة في محمد محمود ما كانوش بيستنوا لحد ما نشيل اللي وقع من الغاز ولا من الخرطوش لحد عنده كان بييجي جري يسعفه واحنا شايلينه ومش خايف لهو نفسه يتعور ولا يموت

sara said...

والله ماعندى كلام اقوله ياايمان بس قلبى بيترعش من كلامك ربنا يحمى بلدنا

Unknown said...

احمد:
متشكرة اوى لكلامك. و على فكرة انا عارفة ان اللى انا قلته مش اختراع, و ان فى كتير فعلا بيفكروا بنفس الطريقة زينا. بس برضه نفكر بعض و نقوى بعض
مالناش - بعد ربنا - غير بعض

Unknown said...

ربنا يكرمك يا سارة يا رب

مطلقه وأفتخر said...

ماشاء الله اسلوبك جميل وبسيط وصادق واحيكى على افكارك وانا ليا رأى متواضع لو حد مش قادر ينزل أو يساهم مع الثوار كفايه أنه يثور على عيوبه ويأسه ويصلح من نفسه ومن اللى حواليه وبث روح الأمل اللى حضرتك اتكلمتى عنها اكيييييد هتنع كل واحد فينا ...جزاك الله خيرا