Saturday, October 15, 2011

منطَقة اللا منطق


يميل البعض فى آرائه - التى تتسم بالاتزان - ان يقارن دائما بين شخص مسئول و مواطن, و هذا ما اجد نفسى غالبا مختلفة معهم فيه.

كلنا هذا الشخص المسئول فى مواقف معينة. و قدر المسئولية يوزع بيننا كافة بالتساوى حتى تتعادل الكفة و تتزن الحياة بشكل عام.

هل منطقى و طبيعى ان يكون مسموح للدكتور – لانه ف الآخر بنى آدم – الا يتحرى كل معايير الدقة و التمحيص و المراجعة مع زملاء آخرين حتى يقلل من حجم مساحة الخطأ فيما يتعلق بالمرضى؟
هل منطقى ان "يقفش" الدكتور و يقرر انه "مالوش مزاج" يكون عطوف و رحيم و لطيف مع المرضى و ان يعاملهم بشكل سىء... لانه فى الآخر بنى آدم؟
هل منطقى ان يتعصب المدرس لأى سبب فينهال على الطلبة الصغار بكل ما هو طيب و نفيس من افرازات عصبيته و كراهيته لهذا اليوم لأطفال لا يعرفون معنى "آى آم هافينج آ باد داى"؟
هل منطقى للأم ان تضرب ابنها كلما عنّت لها نفسها لإن جوزها مطلع عينها و الشغل قارفها؟
هل منطقى للزوج ان يتحول الى كائن بغيض يعامل زوجته بمنتهى السخف لانه بنى آدم بقى و قارفان من العيشة؟
هل منطقى ان تقلب الزوجة بوزها طيلة اليوم لان الله اعلم بقى ايه اللى فى مخها و مضايقها – اللى غالبا اصلا محدش حيفهمه حتى لو حاولوا – ؟
هل من حق كوافيرتى تحرق لى شعرى عشان انا زبونة رخمة؟
...
اذا كانت اجاباتك جميعها بلا, فلماذا اذن تعتبره "منطقيا" و "طبيعيا" ان يرد الجندى بسلاحه الميرى و مركبته على المواطن المعتدى – بفرض انه كان فعلا معتدى – ؟ و هو الذى حاول البعض ان يستند اليه فى تفسير رد فعل الشرطة العسكرية فى احداث ماسبيرو الأحد الماضى؟

...
اتذكر هنا حالة من الحالات التى لن انساها. كان رجلا كبيرا فى السن, الحركة ليست سهلة عليه, ابيض البشرة وعيناه ثاقبتان. مؤمن بنظرية المؤامرة الى ابعد الحدود و عصبى الى درجة يصعب تخيلها. كنت انا الطبيب المناوب وقت احتياجه لعملية المياة البيضاء فى عينه. و من اول يوم تحضيرات الورق و هو يتعامل معى بعصبية, و باتهامات فى ذمتى – كأن يقول لى "مش انتى قولتيلى اديكى فلوس, ردا على سؤالى له اذا كان معه تذكرة دخوله العملية حتى ادرجها فى ملفه – و ظل هكذا و انا إما لا ارد, او ابتسم له. مع بعض الوقفات التى كان لابد منها حتى ننتهى من العملية.
بعد ان انتهى و فاق من عمليته سألت الممرضه اين هو, فقالت لى انه مصاب بضيق تنفس من  البنج و موجود فى الافاقة مع جهاز التنفس. ذهبت للاطمئنان عليه, و قلت له "مالك يا حج بس؟" و انا مبتسمة, رد: "ايوة نعم؟" "انتى عايزة ايه؟" بمنتهى كل ماهو سىء من قلة ادب و جليطة ليس لها اى سبب او منطق. و لم ارد عليه و ضحكت.
....
الهدف من هذه القصة ليس الفشخرة, فما فعلته هو واجبى و صميم مهنتى. و من سمى الاطباء بملائكة الرحمة لم يقصد اكثر من هذا. و لهذه الاسباب و غيرها يكن المجتمع درجة عميقة من الاحترام و التقدير للأطباء.

...
و فى هذا يتشابه – بل و يزيد – الامر مع القوات المسلحة. فهم ناس ارتضوا شكل حياة لا يطيقه بشر. و يتحملون يوما بعد يوم ظروف لا يستطيع تصورها الرجال... او هكذا مفترض ان يكونوا.

لم يكن من حقى - حسبما يتوقع الكثيرون - ان اتذمر على المريض و ان ارد سبابه بسباب 
و لم يكن من حق جنود ماسبيرو الاباسل ان يردوا الهجوم بهذه الوحشية و الضراوة و الحماقة
 

....
هناك ضوابط لكل شىء, و هناك قنوات شرعية للمطالبة بالحق و محاسبة المعتدى. و لولا غباء الاستغلال للحكم العسكرى المؤقت و حبس الشباب – ع الفاضية و المليانة – فى السجون العسكرية, لكان التعدى على الكيان العسكرى فى مصر تحول الى جريمة شعبية يتبارى افراد الشعب فى اظهار رفضهم لها.
طبعا هناك حدود لكل شىء, و هم فى الاول و فى الآخر بشر يخطئون و يخونهم التقدير فى بعض الاحيان. لكن من الواضح ان السلوكيات العامة فى التعامل مع الناس لا تنم عن نية مسبقة فى اتخاذ كل المستطاع ان يتم تفادى هذا.
و هنا اشدد تماما لمنع سوء الفهم انى لا اطالب افراد الجيش بعد الرد على الاعتداء ان حدث, و لكنى اطالب بحكمة الجنرالات فى اصدار الاوامر الصائبة التى تسيطر على الاوضاع الخاطئة و تهدئها و لا تشللعها اكثر بل و "تركبهم كمان الغلط" 


هناك ايضا امر غير منطقى. اذا كان الاقباط لديهم الامكانيات على الحشد للمسلحين القادرين على الاتيان بخطة هجوم مسلح على الجيش الى الحد الذى يتسنى معه الرد بهذا الشكل, فلماذا يتحملون اذا هدم كنائسهم و التعدى على نساءهم فى الشوارع فى بعض الاحيان؟
لماذا لم يذهبوا بمثل هذه الميليشيات المسلحة الى مكان الكنيسة المهدومة و يرهبوا من اهدموها او يبنوها من اول و جديد – ما هم بلطجية و قادرين بقى – ؟


...
الحقيقة ان الطائفية موجودة فى نفوس كثير من المصريين, و الجنود هم مصريين ايضا و فيهم الطائفى. لكن الجنود لهم قائد يأمرهم فيطيعوا. و اما ان امر القائد لا يطاع (مثل فيديو ضرب الاعزل على الارض فى فض اعتصام الجمعة الماضية) و هو امر هام و يدق اجراس خطر مختلفة ابعد كثيرا من فقط الاحداث فى مصر و التعامل معها. او انه تم صدور الامر و لكنه لم يكن مبنيا على اى فكر سليم, بل على انفعال طائفى هو الآخر (و هو امر اخطر و اكثر ايلاما)

فى نهاية الأمر, مسئولية الشرطة العسكرية ليس لها علاقة بما فعله من كانوا فى المسيرة (التى ضمت مسلمين على فكرة و لم تقتصر على الاقباط)


و ان لم يكن اهل السلاح مدركين لمسئولية حمل السلاح, فهذا امر مشين, ليس فقط لانه يشجع سائر المجتمع على السلوك نفسه, بل ولانه يخل بقيم الجيش الذى تجسدت فيه عبر السنين مفاهيم الشرف, و الإيثار,  و حب الوطن.

3 comments:

Anonymous said...

طب ولو كانت الاجابة نعم؟؟!! :) لأن الحقيقة ناس كتير بتجاوب بنعم بأفعالها مش مهم بأقوالها واحيانا بنكون منهم

Anonymous said...

ثقافة الهزيمة .. مغامرات البقرة الضاحكة

ما قصة لوسي أرتين؟
ـ لوسي أرتين كانت علي علاقة بالرئيس مبارك والعلاقة بدأت عن طريق زكريا عزمي وجمال عبدالعزيز، و كان فيه رجل أعمال مشهور بيحب يعرف مبارك علي فتيات من دول شرق أوروبا وحسين سالم كان متولي دول غرب أوروبا.

هل قصر الرئاسة كان يدار بهذه الطريقة؟
- القصر كان يدار بالسفالة والأسافين والنقار والقمار والنسوان وقلة الأدب ودا كل اللي كان شغلهم ومصلحة البلد بعدين.

هي سوزان كانت بتحس بالغلط اللي كان بيعمله الرئيس؟
- هي كانت مقهورة من اللي بتشوفه والنسوان داخلة طالعة قدامها واللي جايين من أوروبا الشرقية وأوروبا الغربية ومش قادرة تتكلم وبتبكي علي طول بسبب اللي بتشوفه وأحيانا كنت بأصبرها وأقولها مصر مافيهاش غير سيدة أولي واحدة، بس بعدها قرر الرئيس أن ينقل جلساته الخاصة في شرم الشيخ وبرج العرب.

ھل تزوج علیھا؟
-لا ھو مش محتاج یتجوز .. البركة في زكریا عزمي وجمال عبدالعزیز...

…باقى المقال ضمن مجموعة مقالات الهزيمة ( بقلم غريب المنسى ) بالرابط التالى

www.ouregypt.us

نادي حواء said...

شكرا على الموضوع